يستفاد من الروايات وجود عِدة عوامل تؤثر في استجابة الدعاء ، نذكر منها :
1 - الأمل بالله ورجاء رحمته ، ومعرفة أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يضرّ وينفع .
فقد روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال :
( يقول اللهُ عزَّ وجل : مَن سألني وهو يعلمُ أني أضرّ وأنفع أستجيب له ) .
وعن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) أنه قال : ( قال قومٌ للصادق ( عليه السلام ) : ما بالُنا ندعو فلا يُستجاب لنا ؟ قال ( عليه السلام ) : لأنكم تَدعون من لا تعرفونه ) .
2 - قطع الأمل عمَّا سوى الله سبحانه وتعالى ، فكل من سوى الله عبد محتاج له ، وهو سبحانه القادر على قضاء الحوائج .
3 - حضور القلب والتوجه إلى الله تعالى عند الدعاء ، فقد روي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قوله : ( إن الله عزَّ وجل لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساهٍ ، فإذا دعوت فأقبل بقلبك ، ثم تيقَّن بالإجابة ) .
4 - التضرّع والرِّقة حال الدعاء .
5 - البدء بالبسملة ، وحمد الله سبحانه وتعالى ، والثناء عليه ، والصلاة على النبي وآله ( صلوات الله وسلامه عليهم ) .
فعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لا يُردُّ دعاءٌ أوله بسم الله الرحمن الرحيم ) .
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( كل دعاء لا يكون قبله تمجيد فهو أبتر ) .
وعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( صلاتكم عَلَيَّ إجابة لدعائكم ، وزكاة لأعمالكم ) .
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( لا يزال الدعاء محجوباً عن السماء حتى يُصلَّى على النبي وآله ( عليهم السلام ) ) .
6 - تقديم النبي وآله ( عليهم الصلاة والسلام ) بين يدي حاجة الداعي وتوسيطهم لقضائها ، فعن داود الرقي قال : إني كنت أسمع أبا عبد الله ( عليه السلام ) أكثر ما يلحّ في الدعاء على الله بحق الخمسة ، يعني : رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وفاطمة ( عليها السلام ) والحسن والحسين ( عليهما السلام ) .
7 - الاجتماع في الدعاء ، فعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : ( ما من مؤمنين خمسة أو ثلاثة اجتمعوا عند أخ لهم ، يأمَنون بوائقه ، ولا يخافون غوائله ، ويرجون ما عنده ، إن دعوا الله أجابهم ، وإن سألوه أعطاهم ، وإن استزادوه زادهم ، وإن سكتوا ابتدأهم ) .
وروي عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) أنه إذا أحزنه أمر دعا النساء والصبيان ، ثم دعا وأمَّنوا ، يعني يقولون : ( آمين ) .
8 - التعميم في الدعاء ، يعني أن لا يخص نفسه بالدعاء ، بل يدعو لنفسه وللمؤمنين عامة ، فيعمّ دعاؤه المؤمنين ، وروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : ( إذا دعا أحدكم فليعمّ ، فإنه أوجب للدعاء ) .
وعن الإمام الباقر ( عليه السلام ) أنه قال : ( أسرع دعاء نجحاً للإجابة دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب يبدأ بالدعاء لأخيه ، فيقول له ملَك موكَّل به : آمين ولك مثلاه ) .
بل روي عن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) قوله : ( إنَّ مَن دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش : ولكَ مائة ألف ضعف ) .
9 - تطييب المكْسَب والمأكل ، حيث روي في الحديث القدسي : ( فمنك الدُّعاء وعليَّ الإجابة ، فلا تُحتجب عني دعوةٌ إلاّ دعوة آكل الحرام ) .
10 - الإصرار والإلحاح ، وتكرار الدعاء .
11 - إرفاق الدعاء بالعمل الصالح ، فيكون صوت الداعي محبوباً عند أهل السماء ، وجاء في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( الدَّاعي بلا عمل كالرامي بلا وَتَر ) .
12 - يفضَّل أن يكون الداعي على طهارة ، متوجهاً إلى القبلة ، وأن ينتخب الزمان والمكان المناسبين ، كالمساجد والمراقد المشرفة .
ولكن هذه المقربات للإجابة لا تعني أن يترك الإنسان الدعاء عند فقد بعضها ، وينتظر أن تتوفر جميعها حتى يدعو ، بل عليه أن يدعو على كل حال ، ويتأمل الإجابة مهما كانت ظروفه .
نسأل الله تعالى بمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وآله الأطهار ( عليهم السلام ) أن يتقبل من المؤمنين صالح أعمالهم ودعائهم بمَنِّه ورحمته ، إنه سميع مجيب .